أساس دعوى صحة التوقيع في القانون هي المادة (251) من قانون المرافعات الأهلي الواردة في باب تحقيق الخطوط ونصها:
(يجوز لمن بيده سند غير رسمي أن يكلف من عليه ذلك السند بالحضور أمام المحكمة ولو لم يحل ميعاده لأجل اعترافه بأن هذا السند بخطه وإمضائه ويكون ذلك التكليف بصفة دعوى أصلية على حسب الأصول المعتادة فيها).
2 – والغرض منها الاحتياط مقدمًا بإثبات صحة صدور السند ممن نسب إليه حتى لا يكون محل طعن يصعب تحقيقه إذا تغيرت الأحوال، كأن توفي صاحب الخط أو التوقيع أو أصيب بما يجعل إقراره غير مأخوذ به قانونًا.. إلخ.
ولهذا لا تقبل الدعوى المذكورة إذا سبق الاعتراف بالخط أو التوقيع صراحة أو ضمنًا (البند كت جزء 59 صحيفة (527) فقرة (25)).
ولا يمكن أن يكون للحكم الصادر بصحة التوقيع أو الخط أي أثر أو نتيجة قانونية أكثر من هذا التحقيق.
علاقة هذه الدعوى بقانون التسجيل
نص قانون التسجيل الجديد نمرة (18) لسنة 1923 في المادة الأولى منه على وجوب تسجيل جميع العقود التي من شأنها إنشاء أو نقل أو تغيير أو زوال حق ملكية أو حق عيني آخر… ورتب على عدم التسجيل أن هذه الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تزول لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة للغير.
(ولا يكون للعقود غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين المتعاقدين)
ثم وضع هذا القانون الشروط وبين الإجراءات الواجبة في تحرير هذه العقود لتسجيلها فنص في المادة السادسة منه ما يأتي:
(يجب التصديق على إمضاءات وأختام الطرفين الموقع بها على المحررات العرفية المقدمة للتسجيل، ويكون التصديق بمعرفة أحد الموظفين أو المأمورين العموميين الذين يعينون بالقرارات المنصوص عنها في المادة السابعة عشر).
شرط
– فالتصديق على الإمضاء لقبول العقد في التسجيل، لكن هذا التصديق لا يتحقق إلا إذا وُجِد طرفا العقد أمام الموظف المختص ليوقعا أمامه فيثبت هذا ويصدق عليه، فإذا امتنع أحدهما استحال التصديق واستحال التسجيل تبعًا لذلك.
وقد يكون هذا الامتناع من جانب أحد المتعاقدين تعنتًا فيقف تنفيذ التعاقد الذي تم فعلاً ولم يبقَ إلا أن يوضع في صورته النهائية ثم يسجل.
5 – هذه الحالة التي نشأت على أثر صدور قانون التسجيل كانت صدمة شديدة للأفكار التي لم تهيأ لها، فمن حرية مطلقة في تسجيل أي عقد عرفي أو أي ورقة عرفية مهما كان شكلها أو صيغتها أو بياناتها حتى ولو كانت مزورة فعلاً إلى تشديد وتدقيق يمتنع معه التسجيل حتى للعقود الصحيحة الكاملة لمجرد امتناع أحد الطرفين تعنتًا.
لم تحتمل الأفكار هذه الصدمة ورؤى أن العدالة تقتضي البحث عن مخرج قانوني من هذا المأزق فاهتدوا إلى المادة (251) مرافعات وقالوا أن فيها ما يسد هذه الثغرة.
6 – جرى الناس من ذلك الوقت أي منذ رُئي الانتفاع بالمادة (251) مرافعات على رفع دعاوى صحة التوقيع باستمرار واطراد، وجرت المحاكم على الحكم فيها دون تدخل في موضوع العقد وشروطه وسبب امتناع الطرف الممتنع عن التصديق على التوقيع، واقتصر البحث على الإمضاء أو الختم هل هو صحيح أو لا، فإن ثبتت صحته بالاعتراف أو التحقيق صدر الحكم بصحة التوقيع، وأسرع صاحب الحكم في تقديمه للتسجيل.
ولكن لم تكن للقضايا المرفوعة كلها نتيجة لتعنت أحد طرفي العقد بالامتناع عن التوقيع أمام الكاتب المختص فإن هذا التعنت لا يقع إلا نادرًا، إنما كان أكثر هذه الدعاوى مبنيًا على سوء استعمال هذا الحق (الحق في رفع دعوى صحة التوقيع) إلى أقصى درجة